يمكن أن يقف لمدة يوم كامل دون أن يكل أو يمل كي يلتقط صورة واحدة على طريقته الخاصة، إنه المصور ستيفن ويلكس، الذي ابتكر صورته البانورامية الاستثنائية عبر التقاط آلاف الصور في مواقع مشهورة، ثم قام بدمج أفضلها رقميا في صورة واحدة، تعكس كل مشهد من الشروق إلى الغروب.
ففي أحد الصور، أصبح الوقت متزاحما، فقد اندمج عدة أشخاص، إضافة لعدد من الحيوانات، وقصصهم في كادر واحد يشملهم جميعا.
ووفقا لشبكة CNN، قال ويلكس في حوار معه عبر الهاتف من أيسلندا، حيث يصور ذوبان الجبال الجليدية لضمها إلى سلسلة صوره البانورامية: "هذه ليست تقنية التعريض الضوئي بمرور الوقت (تايم لابس)".
وتابع: "أحب وصفها بأنها تصوير شارع على بعد 50 قدما (15 مترا) من المشهد، أرى لحظات معينة جدا وألتقط صورها بينما يمر الوقت".
ويعمل ويلكس على هذا المشروع، الذي يحمل اسم "من النهار إلى الليل" منذ حوالي 10 سنوات، وقد صور معالم رئيسية في باريس، ونيويورك، وموسكو، وفينيسيا، بالإضافة إلى أشهر المعالم الطبيعية مثل غراند كانيون، ومنتزه يلوستون الوطني في الولايات المتحدة، ومنطقة سيرينجيتي في تنزانيا.
وتسجل الصور، التي نُشرت مؤخرا في كتاب من الحجم الكبير، مجموعة مذهلة من القصص المجمَدة في لحظات.
وقال ويلكس، الذي يحب التقاط صوره خلال المناسبات الهامة مثل مهرجان كومبه ميلا في الهند، وهو موسم حج حاشد يستحم خلاله الهندوس في نهرٍ مقدس، أو في باليو دي سيينا، وهو سباق خيل يعود إلى العصور الوسطى ويصيب سكان مدينة توسكانا بنوبةٍ جنونية: "حاول ابتكار صورٍ تشبه النوافذ، التي تمنحك تجربة شعورية عميقة بالمكان. أريد حقا أن تشعر وكأنك تقف هنا معي وتنظر إلى هذا. أريدك أن ترى الأشياء بالطريقة التي أراها بها".
ويتابع: "أنظر إلى الوقت كأنه شبكة، ووصف أينشتاين الوقت بأنه نسيج وأنا أراه بهذه الطريقة نوعا ما، أقرر متى يبدأ النهار ومتى ينتهي الليل، وأسمي هذا بـ"قوة الوقت الموجهة". وبمجرد أن أقرر في أي اتجاه يتغير الوقت، ألتقط كل هذه اللحظات، أحيانا التقط صورا طوال 36 ساعة".
وبمجرد انتهاء العمل في الموقع، تبدأ مرحلة التحرير الرقمي، إذ قال ويلكس: "أعود للمنزل ويستغرق اختيار أفضل 50 لحظة في كل يومٍ نحو شهر في المتوسط، ثم أُنتج ما أسميه باللوحة الرئيسية، وهي عبارة عن مشهد متجانس لا يحتوي على الكثير من الأنشطة، لكنه يعطي انطباعاً بتغيّر الوقت خلاله. يسمح هذا لي بأخذ الـ50 لحظة ودمجهم في لوحةٍ رئيسية بناءً على تتابع الوقت".
وبهذا المفهوم، يمكن رؤية صور ويلكس على أنها نقيض تصوير الهواتف الذكية، الذي يسمح للمستخدمين بالتقاط صور بانورامية في غضون ثوان.
ويعود مصدر إلهام هذه السلسلة المصورة إلى عام 1996، عندما طلبت مجلة Life من ويلكس التقاط صورة بحجم ثلاث صفحات يمكن طيها لموقع تصوير فيلم روميو وجوليت الأمريكي، من إخراج باز لورمان، لكن عندما وصل إلى موقع التصوير، اكتشف أن الموقع مربع المساحة، ما صعب من مهمة التقاط صورة بانورامية.
واستعان ويلكس حينها بنصيحة الفنان ديفيد هوكني، الذي نشر مؤخرا كتابا وظف فيه فن الكولاج، إذ لصق فيه مجموعة من الصور في مشهد واحد يدويا، والتقط ويلكس 250 صورة للموقع، وشملت الصورة الممثلة كلير دانيس والممثل ليوناردو دي كابريو وغيرهما من طاقم العمل، وضمهم في صورة بانورامية واحدة.
وقال ويلكس عن مدة التقاطه للصورة: "أقف وأنظر إلى المشهد أمامي لمدة 24 إلى 36 ساعة، أتوقف فحسب، ثم أنظر، وأنظر، وأنظر، الأمر يشبه التأمل تقريبا".